القائمة الرئيسية

الصفحات

روائع إبن القيم 01

 


       قال الإمام ابن القيم رحمه الله :
《ولما كان الناس كذالك كان أكثر أصحاب القبور معذبين ، و الفائز منهم قليل ، فظواهر القبور تراب ، و بواطنها حسرات و عذاب ، ظواهرها بالتراب و الحجارة المنقوشة مبنيات ، و في باطنها الدواهي و البليات ، تغلي بالحسرات كما تغلي القدور بما فيها ، و يحق لها ، و قد حيل بينها و بين شهواتها و أمانيها ، تالله لقد وعظت فما تركت لواعظ مقالا ، و نادت يا عمار الدنيا لقد عمرتم دارا موشكة بكم زوالا ، و خربتم دارا أنتم مسرعون إليها انتقالا ، و عمرتم بيوتا لغيركم منافعها و سكناها ، و خربتم بيوتا ليس لكم مساكن سواها ، هذا دار الإستباق ، و مستودع الأعمال ، و بذر الزرع ، و هذا محل للعبر ، رياض من رياض الجنة أو حفر من حفر النار 》
📚 من كتاب [ الروح ]

      📜 قال الإمام #ابن_القيم رحمه الله :
⇦  والذي ظهر لي من كلام صاحب المنازل أنه أراد بالاعتذار إظهار الضعف والمسكنة ، وغلبة العدو ، وقوة سلطان النفس ، وأنه لم يكن مني ما كان عن استهانة بحقك ، ولا جهلا به ، ولا إنكارا لاطلاعك ، ولا استهانة بوعيدك ، وإنما كان من غلبة الهوى ، وضعف القوة عن مقاومة مرض الشهوة ، وطمعا في مغفرتك واتكالا على عفوك ، وحسن ظن بك ، ورجاء لكرمك ، وطمعا في سعة حلمك ورحمتك ، وغرني بك الغرور ، والنفس الأمارة بالسوء ، وسترك المرخى علي ، وأعانني جهلي ، ولا سبيل إلى الاعتصام لي إلا بك ، ولا معونة على طاعتك إلا بتوفيقك ، ونحو هذا من الكلام المتضمن للاستعطاف والتذ لل والافتقار ، والاعتراف بالعجز ، والإقرار بالعبودية
فهذا من تمام التوبة ، وإنما يسلكه الأكياس المتملقون لربهم عز وجل ، والله يحب من عبده أن يتملق له .
وفي الحديث " تملقوا لله " ⓵ وفي الصحيح لا أحد أحب إليه العذر من الله وإن كان معنى ذلك الإعذار ، كما قال في آخر الحديث " من أجل ذلك أرسل الرسل مبشرين ومنذرين " وقال تعالى:{فالملقيات ذكرا عذرا أو نذرا} فإنه من تمام عدله وإحسانه أن أعذر إلى عباده ، وأن لا يؤاخذ ظالمهم إلا بعد كمال الإعذار وإقامة الحجة عليه ، فهو أيضا يحب من عبده أن يعتذر إليه ، ويتنصل إليه من ذنبه ، وفي الحديث " من اعتذر إلى الله قبل الله عذره " فهذا هو الاعتذار المحمود النافع .
وأما الاعتذار بالقدر فهو مخاصمة لله ، واحتجاج من العبد على الرب ، وحمل لذنبه على الأقدار ، وهذا فعل خصماء الله ... "
📓مدارج السالكين ج1ص198
قال الشيخ ألألباني رحمه الله في هذا الحديث....لايصح هذا الظاهر في غريب الاحاديث والمعنى واضح يعني بالتملق يعني التواضع أي نعم  لكن ماهو ثابت


       قال الإمام ابن القيم رحمه الله :
⇐ العبد قد بُلِيَ بالغفلة والشهوة والغضب، ودخول الشيطان على العبد من هذه الأبواب الثلاثة،
فإذا أراد الله بعبده خيرًا فتح له من أبواب التوبة والندم، والانكسار والذل، والافتقار والاستعانة به، وصِدق اللجأ إليه، ودوام التضرُّع والدعاء، والتقرُّب إليه بما أمكن من الحسنات ما تكون تلك السيئة به رحمة، حتى يقول عدو الله: يا ليتني تركته ولم أُوقِعه،
وهذا معنى قول بعض السلف: إن العبد ليعمل الذنب يدخلُ به الجنة، ويعمل الحسنة يدخلُ بها النار، قالوا: كيف؟ قال:
يعمل الذنب فلا يزال نُصب عينيه منه مشفقًا وجلًا، باكيًا نادمًا، مستحيًا من ربه تعالى ناكس الرأس بين يديه، منكسر القلب له؛ فيكون ذلك الذنب أنفع له من طاعات كثيرة بما ترتب عليه من هذه الأمور التي بها سعادة العبد وفلاحه، حتى يكون ذلك الذنب سبب دخوله الجنة،
ويفعل الحسنة فلا يزال يَمنُّ بها على ربه، ويتكبّر بها، ويرى نفسه ويُعجب بها، ويستطيل بها، ويقول: فعلتُ وفعلتُ، فيُورِثه من العُجب والكِبْر، والفخر والاستطالة؛ ما يكون سبب هلاكه"
📒(الوابل الصيب؛ ج1، ص: [14]).


🌹قال ابن القيم رحمه الله :
"فإذا انضمَّ داعي الإحسان والإنعام إلى داعي الكمال والجمال لم يتخلَّف عن محبَّة مَن هذا شأنه إلَّا أردَأُ القلوب وأخبَثها وأشدها نقصًا وأبعدها من كلِّ خير؛
فإنَّ الله فطَر القلوبَ على محبَّة المحسِن الكامِل في أوصافه وأخلاقِه، وإذا كانت هذه فِطرة الله التي فطَرَ عليها قلوب عبادِه، فمِن المعلومِ أنَّه لا أحد أعظم إحسانًا منه سبحانه وتعالى، ولا شيء أكمَل منه ولا أجمَل،
فكلُّ كمالٍ وجمال في المخلوق من آثار صنعِه سبحانه وتعالى، وهو الذي لا يُحَدُّ كمالُه ولا يوصَفُ جلاله وجمالُه، ولا يُحصي أحدٌ من خلقه ثناءً عليه بجميل صِفاته وعظيم إحسانه وبديع أفعاله؛ بل هو كما أَثنى على نفسه،
وإذا كان الكمال محبوبًا لذاته ونفسه وجَبَ أن يكون الله هو المحبوبَ لذاتِه وصِفاته؛ إذ لا شيء أكمَل منه، وكلُّ اسم من أسمائه وصِفة من صفاته وأفعاله دالَّة عليه،
فهو المحبوب المحمود على كلِّ ما فعَل وعلى كلِّ ما أمَر؛ إذ ليس في أفعاله عبَثٌ ولا في أوامره سفَه، بل أفعاله كلُّها لا تخرج عن الحكمة والمصلحَةِ، والعدلِ والفضل والرَّحمة، وكل واحد من ذلك يَستوجب الحمدَ والثَّناء والمحبَّة عليه، وكلامه كلُّه صِدق وعدلٌ، وجزاؤه كلُّه فضل وعدل؛ فإنَّه إن أعطى فبفضله ورحمتِه ونعمتِه، وإن منع أو عاقَب فبعدله وحكمته.
ما للعباد عليه حقٌّ واجب كلَّا ولا سعيٌ لديه ضائعُ
إن عُذِّبوا فبعدله أو نُعِّموا فبفضلِه وهو الكريمُ الواسِعُ".
📕طريق الهجرتين" (520، 521).



  من روائع إبن القيم وماقاله في التوحيد

 فالتوحيد أول ما يدخل به في الإسلام، وآخر ما يخرج به من الدنيا كما قال النبي صلي الله عليه وسلم: «من كان آخر كلامه لا إله إلا الله دخل الجنة) (1)؛ فهو أول واجب وآخر واجب، فالتوحيد أول الأمر وآخره." (2) "التوحيد أول دعوة الرسل، وأول منازل الطريق، وأول مقام يقوم فيه السالك إلى الله تعالى." (3)   "كل آية في القرآن فهي متضمنة للتوحيد شاهدة به داعية إليه، فإن القرآن: إمَّا خبر عن الله وأسمائه وصفاته وأفعاله فهو التوحيد العلمي الخبري، وإمَّا دعوة إلى عبادته وحده لا شريك له وخلع كل ما يعبد من دونه فهو التوحيد الإرادي الطلبي، وإمَّا أمر ونهي وإلزام بطاعته في نهيه وأمره فهي حقوق التوحيد ومكملاته، وإمَّا خبر عن كرامة الله لأهل توحيده وطاعته وما فعل بهم في الدنيا وما يكرمهم به في الآخرة فهو جزاء توحيده، وإمَّا خبر عن أهل الشرك وما فعل بهم في الدنيا من النكال وما يحل بهم في العقبى من العذاب فهو خبر عمن خرج عن حكم التوحيد، فالقرآن كله في التوحيد وحقوقه وجزائه وفي شأن الشرك وأهله وجزائهم." (4)   "التَّوْحِيد مفزع أعدائه وأوليائه، فأما اعداؤه فينجيهم من كرب الدنيا وشدائدها {فَإِذَا رَكِبُوا فِي الْفُلْك دَعَوْا اللَّه مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّين فَلَمَّا نَجَّاهُمْ إِلَى الْبَرّ إِذَا هُمْ يُشْرِكُونَ} [العنكبوت: 65] وَأما أولياؤه فينجيهم به من كربات الدنيا والآخرة وشدائدها؛ولذلك فزع إليه يونس فنجاه الله من تلك الظلمات وفزع إليه أتباع الرسل فنجوا به مما عذب به المشركون في الدنيا وما أعد لهم في الآخرة، ولما فزع إليه فرعون عند معاينة الهلاك وإدراك الغرق له لم ينفعه لأن الإيمان عند المعاينة لا يقبل، هذه سنة الله في عباده، فما دفعت شدائد الدنيا بمثل التوحيد؛ ولذلك كان دعاء الكرب بالتوحيد ودعوة ذي النون التي ما دعا بها مكروب إلا فرج الله كربه بالتوحيد. فلا يلقي في الكرب العظام إلا الشرك ولا ينجي منها إلا التوحيد، فهو مفزع الخليقة وملجؤها وحصنها وغياثها. وبالله التوفيق." (5)   "فأعظم أسباب شرح الصدر: التوحيد، وعلى حسب كماله وقوته وزيادته يكون انشراح صدر صاحبه. قال الله تعالى: {أَفَمَن شَرَحَ ٱللَّهُ صَدْرَهُ لِلإِسْلاَمِ فَهُوَ عَلَىٰ نُورٍ مِّن رَّبِّهِ} [الزمر: 22]". (6)   

روح كلمة التوحيد:
"وروح هذه الكلمة وسرها: إفراد الرب - جل ثناؤه، وتقدست أسماؤه، وتبارك اسمه، وتعالى جده، ولا إله غيره - بالمحبة والإجلال والتعظيم، والخوف والرجاء، وتوابع ذلك من التوكل والإنابة، والرغبة والرهبة، فلا يحب سواه، وكل ما يحب غيره فإنما يحب تبعا لمحبته، وكونه وسيلة إلى زيادة محبته، ولا يخاف سواه، ولا يرجي سواه، ولا يتوكل إلا عليه، ولا يرغب إلا إليه، ولا يرهب إلا منه، ولا يحلف إلا بإسمه، ولا ينذر إلا له، ولا يتاب إلا إليه، ولا يسجد إلا له، ولا يذبح إلا له وباسمه، ويجتمع ذلك في حرف واحد، وهو: أن لا يعبد إلا إياه بجميع أنواع العبادة، فهذا هو تحقيق شهادة أن لا إله إلا الله؛ولهذا حرم الله على النار من شهد أن لا إله إلا الله حقيقة الشهادة، ومحال أن يدخل النار من تحقق بحقيقة هذه الشهادة وقام بها، كما قال تعالى: {وَالَّذِينَ هُمْ بِشَهَادَاتِهِمْ قَائِمُونَ} [المعارج 33] ". (7) "سر عظيم من أسرار التوحيد، وهو أن القلب لا يستقر ولا يطمئن ويسكن إلا بالوصول إليه، وكل ما سواه مما يحب ويراد فمراد لغيره، وليس المراد المحبوب لذاته إلا واحدا إليه المنتهى، ويستحيل أن يكون المنتهى إلى اثنين كما يستحيل أن يكون ابتداء المخلوقات من اثنين، فمن كان انتهاء محبته ورغبته وإرادته وطاعته إلى غيره بطل عليه ذلك، وزال عنه وفارقه أحوج ما كان إليه، ومن كان انتهاء محبته ورغبته ورهبته وطلبه هو سبحانه ظفر بنعمه ولذته وبهجته وسعادته أبد الآباد." (8) "وقد حمى النبي صلي الله عليه وسلم جانب التوحيد أعظم حماية، حتى نهى عن صلاة التطوع لله سبحانه عند طلوع الشمس وعند غروبها؛ لئلا يكون ذريعة إلى التشبه بعباد الشمس الذين يسجدون لها فى هاتين الحالتين، وسد الذريعة بأن منع الصلاة بعد العصر والصبح لاتصال هذين الوقتين بالوقتين اللذين يسجد المشركون فيهما للشمس." (9) "لا إله إلا الله سلعة، الله مشتريها، وثمنها الجنة، والدلال الرسول، ترضى بيعها بجزء يسير مما لا يساوي كله جناح بعوضة." (10) "لا تسأل سوى مولاك فسؤال العبد غير سيده تشنيع عليه." (11) "لما طلب آدم الخلود فى الجنة من جانب الشجرة عوقب بالخروج منها، ولما طلب يوسف الخروج من السجن من جهة صاحب الرؤيا لبث فيه بضع سنين." (12)   "والمقصود أن الطريق إلى الله تعالي واحد، فإنه الحق المبين، والحق واحد، مرجعه إلى واحد، وأما الباطل والضلال فلا ينحصر، بل كل ما سواه باطل، وكل طريق إلى الباطل فهو باطل، فالباطل متعدد وطرقه متعددة." (13) "وكما أن السماوات والأرض لو كان فيهما آلهة غيره سبحانه لفسدتا كما قال تعالى: {لَوْ كَانَ فِيهِمَا آلِهَةٌ إِلَّا اللَّهُ لَفَسَدَتَا} [الأنبياء: 22] فكذلك القلب إذا كان فيه معبود غير الله تعالى فسد فسادا لا يرجى صلاحه إلا بأن يخرج ذلك المعبود منه، ويكون الله تعالى وحده إلهه ومعبوده الذي يحبه ويرجوه ويخافه ويتوكل عليه وينيب إليه." (14)  
-----------------------------------------------------------------------------------------
(1)- رواه احمد وأبوداود وصححه الألباني في الأرواء (687) وفي صحيح الجامع (2)- مدارج السالكين 3/443 (3)- مدارج السالكين 3/443 (4)-مدارج السالكين 3 / 450 (5)- الفوائد/53 (6)- زاد المعاد2 / 22 (7)- الداء والدواء /198 (8)- الفوائد / 202 (9)- الداء والدواء / 135 (10)- الفوائد/42 (11)- الفوائد/50 (12)- الفوائد/32 (13)- طريق الهجرتين/ 162 (14)- اغاثة اللهفان / 49



من روائع إبن القيم وماقاله في الشرك بالله

فلما كان الشرك أكبر شيء منافاة للأمر الذي خلق الله له الخلق وأمر لأجله بالأمر، كان أكبر الكبائر عند الله، وكذلك الكبر وتوابعه كما تقدم فإن الله سبحانه خلق الخلق وأنزل الكتاب لتكون الطاعة له وحده، والشرك والكبر ينافيان ذلك. ولذلك حرم الله الجنة على أهل الشرك والكبر، ولا يدخلها من كان في قلبه مثقال ذرة من كبر." "وأصل الشرك بالله الإشراك في المحبة كما قال تعالى: (وَمِنَ النَّاسِ مَن يَتَّخِذُ مِن دُونِ اللّهِ أَندَاداً يُحِبُّونَهُمْ كَحُبِّ اللّهِ وَالَّذِينَ آمَنُواْ أَشَدُّ حُبّاً لِّلّهِ) البقرة: 165 فأخبر سبحانه أن من الناس من يشرك به ندا يحبه كما يحب الله، وأخبر أن الذين آمنوا أشد حبا لله من أصحاب الأنداد لأندادهم.
 الشرك في الأقوال والأفعال والإرادات والنيات: "الشرك به سبحانه في الأقوال والأفعال والإرادات والنيات، فالشرك فى الأفعال كالسجود لغيره والطواف بغير بيته، وحلق الرأس عبودية وخضوعا لغيره، وتقبيل الأحجار غير الحجر الأسود الذي هو يمين الله في الأرض، وتقبيل القبور واستلامها، والسجود لها، وقد لعن النبي من اتخذ قبور الأنبياء والصالحين مساجد يصلى لله فيها فكيف بمن اتخذ القبور أوثانا يعبدها من دون الله؟ وفى الصحيحين عنه أنه قال: «لعن الله اليهود والنصارى أتخذوا قبور أنبيائهم مساجد» (مجموع الفتاوى: 27/34) وفى الصحيح عنه: «أن من شرار الناس من تدركهم الساعة وهم أحياء والذين يتخذون القبور مساجد» (مجمع الزوائد: 8/16) وفي الصحيح أيضا عنه: «إن من كان قبلكم كانوا يتخذون القبور مساجد» (مجموع الفتاوى: 17/500)   "ومن الشرك به سبحانه الشرك به في اللفظ، كالحلف بغيره، كما رواه الإمام أحمد وأبو داود عنه صلي الله عليه وسلم أنه قال: «من حلف بغير الله فقد أشرك» (صحيح ابن حبان: 4358).  
 ومن ذلك قول القائل للمخلوق: (ما شاء الله وشئت)، كما ثبت عن النبي صلي الله عليه وسلم أنه قال له رجل: «ما شاء الله وشئت، فقال: أجعلتني لله ندا؟ قل: ما شاء الله وحده» (مدارج السالكين: 1/602)." (4)   "أما الشرك في الإرادات والنيات فذلك البحر الذي لا ساحل له وقل من ينجو منه؛ فمن أراد بعمله غير وجه الله ونوى شيئا غير التقرب إليه وطلب الجزاء منه، فقد أشرك في نيته وإرادته. والإخلاص: أن يخلص لله في أفعاله وأقواله وإرادته ونيته، وهذه هي الحنيفية ملة إبراهيم التي أمر الله بها عباده كلهم ولا يقبل من أحد غيرها، وهي حقيقة الإسلام {وَمَن يَبْتَغِ غَيْرَ الإِسْلاَمِ دِينًا فَلَن يُقْبَلَ مِنْهُ وَهُوَ فِي الآخِرَةِ مِنَ الْخَاسِرِينَ} [ آل عمران: 85] وهي ملة إبراهيم التي من رغب عنها فهو من أسفه السفهاء. 
  فائدة: "ولما كان الشرك أعظم الدواوين الثلاثة - دواوين الظلم- عند الله عز وجل حرم الجنة على أهله، فلا تدخل الجنة نفس مشركة وإنما يدخلها أهل التوحيد، فإن التوحيد هو مفتاح بابها، فمن لم يكن معه مفتاح لم يفتح له بابها، وكذلك إن أتى بمفتاح لا أسنان له لم يمكن الفتح به، وأسنان هذا المفتاح هي: الصلاة والصيام والزكاة والحج والجهاد والأمر بالمعروف والنهي عن المكر وصدق الحديث وأداء الأمانة وصلة الرحم وبر الوالدين فأي عبد اتخذ في هذه الدار مفتاحا صالحا من التوحيد وركب فيه أسنانا من الأوامر جاء يوم القيامة إلى باب الجنة ومعه مفتاحها الذي لا يفتح إلا به فلم يعقه عن الفتح عائق اللهم إلا أن تكون له ذنوب وخطايا وأوزار لم يذهب عنه أثرها في هذه الدار بالتوبة والاستغفار فإنه يحبس عن الجنة حتى يتطهر منها وإن لم يطهره الموقف وأهواله وشدائده فلا بد من دخول النار ليخرج خبثة فيها ويتطهر من درنه ووسخه ثم يخرج منها فيدخل الجنة فإنها دار الطيبين لا يدخلها إلا طيب قال سبحانه وتعالى: الَّ {ذِينَ تَتَوَفَّاهُمُ الْمَلَائِكَةُ طَيِّبِينَ يَقُولُونَ سَلَامٌ عَلَيْكُمُ ادْخُلُوا الْجَنَّةَ} [النحل: 32] وقال تعالى: {وَسِيقَ الَّذِينَ اتَّقَوْا رَبَّهُمْ إِلَى الْجَنَّةِ زُمَرًا حَتَّى إِذَا جَاؤُوهَا وَفُتِحَتْ أَبْوَابُهَا وَقَالَ لَهُمْ خَزَنَتُهَا سَلامٌ عَلَيْكُمْ طِبْتُمْْ فَادْخُلُوهَا خَالِدِينَ} [الزمر: 73] فعقب دخولها على الطيب بحرف الفاء الذي يؤذن بأنه سبب للدخول أي بسبب طيبكم قيل لكم ادخلوها.   وأما النار فإنها دار الخبث في الأقوال والأعمال والمآكل والمشارب ودار الخبيثين فالله تعالى يجمع الخبيث بعضه إلى بعض فيركمه كما يركم الشيء لتراكب بعضه على بعض ثم يجعله في جهنم مع أهله فليس فيها إلا خبيث.  
 الفرق بين ذنوب الموحدين والشرك: " فالمسلمون ذنوبهم ذنوب موحدين، ويقوي التوحيد على محو آثارها بالكلية وإلا فما معهم من التوحيد يخرجهم من النار إذا عذبوا بذنوبهم.   وأما المشركون والكفار فإن شركهم وكفرهم يحبط حسناتهم، فلا يلقون ربهم بحسنة يرجون بها النجاة، ولا يغفر لهم شيء من ذنوبهم، قال تعالى {إِنَّ اللَّهَ لَا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ} [النساء: 116]" 
   "فالذنوب تزول آثارها بالتوبة النصوح، والتوحيد الخالص، والحسنات الماحية، والمصائب المكفرة لها، وشفاعة الشافعين في الموحدين، وآخر ذلك إذا عذب بما يبقى عليه منها أخرجه توحيده من النار، وأما الشرك بالله والكفر 
بالرسول فإنه يحبط جميع الحسنات بحيث لا تبقى معه حسنة. 
------------------------------------------------------------------------------------
(1) الداء والدواء، 145. (2) الداء والدواء،190. (3) الداء والدواء، 134. (4) الداء والدواء، 135. (5) الداء والدواء، 136. (6) الوابل الصيب، 33. (7) هداية الحياري في أجوبة اليهود والنصاري، 252 (طبعة: دار الريان للتراث). (8) هداية الحيارى في أجوبة اليهود والنصاري، 252. (9) مدارج السالكين 1/458.


هل اعجبك الموضوع :

تعليقات